عن كتابة شِعر العامّية والأغانى

عن كتابة شِعر العامّية والأغانى

حازم ويفى - شاعر وسيناريست

17-10-2023

بالضبط مثل أى فن كتابة.. شِعر العامّية والأغانى هو مزيج من الموهبة والتجارب والأساسيات ولا نقول قواعد لأنه لا توجد قواعد فى الفن، أحاول فى السطور القليلة نقل بعض من تجربتى المتواضعة فى مجال كتابة الأغانى وشِعر العامّية من واقع تجربتى الشخصية وإشرافى كل ورشة خاصة لتدريب وتعليم هذا الفن.

 

هل يمكن تدريس الشِعر؟

كأى فن يمكن بالفعل تدريس الشِعر وهو بالفعل يدرس بنظرياته وأساليبه وقواعده فى كل جامعات العالم، ولكن رغم ذلك لا أتفق مع وجود قواعد للشِعر وللفن بشكل عام، ولكن يوجد بعض الأساسيات التى يجب على كل من يريد أن يكتب شِعر العامية أو الأغانى أن يعرفها قبل أن يبدأ تجربته ومشواره. أما الموهبة فهى لا تدرس ولا يمكن خلقها، الموهبة هى سر أودعه الله فى المخلوق المبدع وعليه أن يطورها وينميها ويعمل عليها ويستخدمها فى إسعاد الناس.

 

هل أنا موهوب؟

سؤال يأتينى كثيرًا وللشعراء زملائى وغالبًا ما يكون متبوعًا ببعض الأبيات أو الأشطر لكى يعرف صاحبها رأيى فيما يكتب، بالطبع بحكم خبرتى ودراستى للشعر يمكننى معرفة ما إذا كانت الموهبة موجودة أم لا، وتكون الإجابة سهلة فى حالة وجودها وصعبة جدًا فى حالة إنعدامها، وعند هذه النقطة أقول عندما ترسل عملك المكتوب لشاعر تثق فى رأيه عليك تقبل الإجابة، فإن كنت موهوبًا فهو مؤشر جيد لتبدأ تجربتك، وإن كانت الإجابة بـ ”لا“ فربما يكون شِعر العامية ليس نقطة تميّزك، ربما تكون أفضل فى كتابة النثر أو القصة أو الخواطر.

 

أهم عنصر فى الشِعر!

ذكرت إنه لا توجد قواعد فى الشِعر وخصوصًا شِعر العامّية، ولكن لا يصبح الشِعر شعرًا بدون الوزن، وهو باختصار شديد الموسيقى الداخلية للكلام المكتوب وله مسمى آخر وهو التفعيل، وفى شِعر الفصحى هو البحر، قد يستغنى الشاعر عن القافية والصور والجماليات بل والفكرة أحيانًا، ولكن لا يمكن أن نقرأ أو نستمع إلى شِعر غير موزون وإلا تحوّل إلى فن أدبى آخر.

 

القصيدة العامّية والأغنية

الحرية هى الفارق بينهم، تمنحك كتابة القصيدة مساحة كبيرة من الحرية فى الاسترسال والتغيير من تفعيل إلى تفعيل ومن قافية إلى أخرى، بل وأحيانًا يمكنك تناول عدة مواضيع في قصيدة واحدة، على النقيض من ذلك فإن مساحة الحرية فى كتابة الأغانى ضيقة جدًا ومحكومة بعدة عوامل (لا أقول قواعد) تجعلها صالحة للغناء ومغرية للملحن لكى يتلقاها منك ويشعر بكلماتها ومن ثم يبدأ فى تلحينها، وفى نفس الوقت فإن متلقي الأغنية مختلف تمامًا عن متلقى القصيدة، الأغنية لكل الناس ولكن ليست كل القصائد لكل الناس. الأغنية هى الفن الرائج الأقرب إلى قلوب الشعوب والناس وبالتالى يجب أن تتقن تلك اللغة التى تؤثر فيهم أسرع وأكبر، وتتضمن الفروق بينهم عوامل فنية أخرى أحاول قدر الإمكان طرحها فى الورشة التى أشرف عليها.

 

الموهبة والتطوير

ما إن امتلكت الموهبة سيكون عليك أن تنميها وتطورها وتخضعها لك، لا بديل أبدًا لقراءة شِعر العامية ولا سيما أعمدته الأربعة الرئيسيين: بيرم التونسى ثم صلاح جاهين وفؤاد حداد وعبد الرحمن الأبنودى، ثم بعد ذلك يمكنك أن تغوص أكثر فى أعمال أساتذة هذا الفن وما أكثرهم فى مصر، قد يجادل البعض بإن هناك شعراء فى سوق كتابة الأغانى لا تقرأ، قد يكون صحيحًا ولكن التميّز يتطلب القراءة وكذلك المبتدئ، أما أنا بشكل شخصى لا أستطيع أن أتخيّل شاعرًا لم يقرأ الرباعيات لصلاح جاهين أو لم يستمع لمسحراتى فؤاد حَدّاد!

 

الاستماع للأغانى أيضًا يثقل الموهبة ويطورها ويدرب الأًذن ويضبط الإيقاع والوزن، ولذلك الكتابة على اللحن واحد من أهم المهارات التى يجب أن تحاول تجربتها، اختر أغنية تحبها، احذف كلماتها وجرب أن تكتب عليها متبعًا نفس اللحن... سوف تنبهر بما حققته!

 

الطريق طويل

تحتاج الصبر والمثابرة للوصول، وتحتاج الكتابة بدون توقف، وعليك أن تجد شريك لكى يحوّل كلماتك إلى لحن ثم أغنية، ابدأ بما هو متاح، ابدأ مع هاوٍ مثلك أو صديق يتعلم العود أو الجيتار، جرب معه مرة واثنين ثم اعرض عملك وانتظر رأى الناس فيه وتقبله أيًا كان.

اقرأ وجرب واستمع إلى حفلات وأعلم أن من تراهم على المسرح اليوم ويسمعهم الآلاف بدأوا جميعًا من الصفر... بدأوا كما أخبرتك... بدأوا كهواة.

كورسات فى نفس المجال

لايوجد كورسات